فلسفة الاعتقاد الديني

تأليف: المهدي مستقيم

لقد شهد مفهوم «الاعتقاد» منعطفًا حاسمًا على يد الفيلسوف الإسكتلندي «ديفيد هيوم» الذي حوّله إلى تجربة فردية تتجاوز ثنائيات: رأي-اعتقاد، حقيقة-علم؛ إذ رفض إدراجه ضمن دائرة نظرية المعرفة كما دأب على ذلك الفلاسفة الذين سبقوه (ديكارت، لوك، سبينوزا، لايبنيتز، بايل)، وفضّل إدراجه ضمن الأنثربولوجيا (=الطبيعة البشرية). مما أضفى على المفهوم طابعًا «حياديا» بل «مدحيا» Amélioratif، بعد أن كان ذا طابع "سلبي"/قدحي Péjoratifـ هكذا، انكب "هيوم" على إزاحة الاعتقاد من دائرة التصديق الرواقية-الدّيكارتية بإدراجه ضمن دائرة الإحساس Feeling، بما هو أسُّ الحياة الاجتماعية الأخلاقية. وقد نتج عن عملية الإزاحة اتصال مفهوم ((الاعتقاد)) بمفاهيم أخرى، ونخصّ بالذكر: «الانطباع L’impression»، و«الخيال L’imagination»، و«الإحساس Le sentiment». وبناء عليه، أصبح الاحتمال يحتل مكانة رئيسية على حساب الحقيقة (=أفلاطون-ديكارت) ضمن نظرية الاعتقاد. بزغت فلسفة الدّين في القرن الثامن عشر، على إثر المجهودات التي خلفها المسعى الفلسفي الهيومي؛ ونقصد محاولات إعمال النّظر في مضامين المواقف النّظرية، وأنماط المحاججة التي تخصّ الإيمان الدّيني، بتوسل آليات التفكير الفلسفي؛ إذ أسهمت الفلسفة النقدية التي بلورها «كانط» في هذا المجال، إسهامًا حاسمًا في التشكّل الحديث لمفهوم «الاعتقاد»؛ وذلك بإزاحته من دائرة الإبّيستِمولوجيا حيث كان يحتل درجة متدنية، وإلحاقه بدائرة الفلسفة العملية (=الواجب الأخلاقي L’obligation morale) التي بات يحتل درجة جد متقدمة فيها. وإِذ انكب «هيغل» على فصل الاعتقاد الديني (=الاعتقاد-الإيمان) عن الأخلاق (=التصورات الأخلاقية للعالم) بإلحاقه بدائرة النظر الفلسفي المجرّد (=المعرفة المطلقة)، حيث التّشديد على الاعتقاد الديني، بما هو تصور لا بما هو فعل، فإن «فيورباخ» و«نيتشه» و«فرويد» فضّلوا الانكباب على تأويل الوهم الذي تُبشّر به مضامين هذا الاعتقاد، انطلاقًا من فحص وظائفه الرئيسية ونقدها من: منع وحجب واتهام وعقاب وإدانة وترهيب وترغيب ووعد وعيد...إلخ، على أنَّ الاعتقاد الدّيني أقوى عَرَض يدُلُّ على تجذُّر الرّغبة والخوف في الذّات البشرية.

 

السعر $15.00
الموضوع فلسفة
الكاتب المهدي مستقيم
عدد الصفحات 328
رقم الطبعة الطبعة الأولى
عدد المجلدات 1
الترقيم الدولي 9786144910337
جميع الحقوق محفوظة لدار سؤال للنشر والتوزيع 2025